بانوراما



مقهى أدبي أوروبي - عربي من أجل "دور ثقافي مؤثّر من قلب أوروبا"

06-03-2018 09:35:29

إذا ما شاهدت معي الصورة الأولى بنظرة سنيمائية، فقد يخطر في ذهنك التجمعات السرية الثورية التي كنا نشاهدها في كلاسيكيات السينما قديما ضد الحاكم المستبد. وإذا ما رأيتها بنظرة رجل قانون فقد تذكرك الإضاءة القريبة من رؤوس الجلوس بجلسات الاستنطاق والاعتراف. وإذا ماعدنا إلى واقع الصورة، فما هي في الحقيقة إلا جمع بين هذا وذاك.

من بروكسيل تنقل المدونة مريم عرجون أجواء لقاء "المقهى الأدبي الأوروبي العربي":

تعرف بروكسل لدى العالم بأنها عاصمة الإتحاد الأوروبي، لكن بالنسبة للمثقف العربي الحر فقد أصبح تعريفها هو عاصمة مثقفي أوروبا من خلال المقهى الأدبي الأورو- عربي، الذي شهد دورته الخامسة والثلاثين (35) في يوم الثالث من مارس بإدارة الروائي والشاعر والإعلامي أحمد حضراوي، مع نخبة من رواد الثقافة ومحبي الشعر والأدب والموسيقى.

كانت الأمسية عبارة عن تجمع فكر حر وصريح، ضد الثقافة المسيسة والمأجورة، تضيئها اعترافات الود والشكر والتقدير المتبادلة بين الحضور، مجسدة لانتصار قوي بعد حرب شرسة تعرض لها المقهى الأدبي الأوروعربي بغية إيقافه.

فهاهي الساعة قد أصبحت الخامسة ولم يحضر أحد بعد، في الوقت التي كانت الرابعة هي موعد الإنطلاق، فهل صدق رفقاء الأدب رسائل الواتس أب الكيدية التي طالبت الجميع بعدم الحضور. لكن لا.. ماهي إلا ساعة حتى امتلأت القاعة عن آخرها.

من ألمانيا الشاعر والمفكر المغربي محمد كنوف، من إيطاليا الشاعر المغربي أحمد الشاهدي، من هولندا الشاعر المغربي يوسف الهواري، ومن بروكسل كل من المحاضرة السورية السيدة ثريا تركماني، المخرج المغربي عزيز مكروم، والناشط الجمعوي المغربي سعيد العلوي، المنشدة الصوفية المغربية مليكة نور، عازف العود الفلسطيني علاء شكلية، الشاعر السوداني أسامة الطيب، الكاتب والشاعر المغربي محمد الحراق، المغنية المغربية سميرة غرابي، بالإضافة إلى نخبة من المثقفين الذين كانت لهم مساهمات قيمة أثرت المقهى الأدبي، كل هذا بإدارة الأستاذ مصطفى لويسي عضو مؤسس بالمقهى الأدبي.

بدأت الأمسية بدقيقة صمت في وقفة جماعية وقراءة لسورة الفاتحة ترحما على الروائي والشاعر المغربي "إدريس يزيدي" الذي وافته المنية قبل موعد الملتقى بيوم واحد، تلتها محاضرة من السيدة ثريا تركماني بمناسبة اليوم العالمي للمرأة مركزة على أنهن دوما وأبدا الجميلات اللواتي يمنحن الحياة والبهجة والسرور، بعدها كان هناك تعريف عام بالزجال المغربي أحمد الشاهدي، لتنطلق قراءات شعرية رائعة ما بين سياسية ووجدانية، وعزف ما بين تراثي ومشرقي وصوفي محلق في وجدان المستمعين وفي سماء بروكسل.

يقول الأستاذ أحمد حضراوي "في المقهى الأدبي الأورو- عربي، لا وجود لأي انتمائات حزبية، لا تعتيم فكري أو مذهبي، الثقافة أولا وآخرا. نحن لا نشترى ولا نباع ولا نَضل أو نُضل". وقال:"طلب منا أن نخدم أجندات خارجية ومشرقية حانقة على الثقافة المغربية وعلى وحدة المغاربة داخل وخارج المملكة، وهو ما لن نسمح به أبدا وما سوف نفضحه ونحذر منه إلى آخر نفس". وأضاف "طلب منا الانسحاب من الساحة ممن يسعون للمتاجرة بالثقافة للحسابات الخاصة، وكان نصيبهم منا المواجهة والمحاربة بالإجتهاد والمثابرة. وها نحن اليوم نطفئ شمعة المقهى الأدبي الخامسة والثلاثين محليا بفضل الله وفضل أوفياء وأحرار الفكر والكلمة".

أما الشاعر كنوف والعازف شكلية فشددا على أن على كل من يقرأ ومن يكتب في أن يتعلم المقامات الموسيقية لأنها تعطي للكلمة قوة وتأثيرا في وجدان المستمع، واستشهد كنوف بخطابات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قائلا "تشعر وكأنه قس منزل يتحدت إليك".

كانت للناشط سعيد العلوي أيضا مداخلة في المقهى الأدبي، إذ وجه نداء لكل الكتاب والشعراء والمنظرين الموجودين في بلاد المهجر إلى ترجمة ما يكتبونه بلغة البلد الذين يقيمون فيه. واستشهد بجملة شعرية من قصيدة يالا العار للشاعر أحمد الشاهدي حين قال للأمة "ما هزكم أنين طفل في حمص أو غزة الثوار.. ما تألمتم لغرقى شباب الأمة يهاجرون سرا عبر البحار.. لدول تنعتونها بالكفر وهم بأبنائكم رحماء من الأبرار.. يا للعار"، وعقّب العلوي بأنه لو ترجمت هذه الجملة الأخيرة للأوروبي الذي يجهل الكثير عنا، لساهمت في تغيير بعض من نظرته إلينا وفكرته عنا، محدثا إنطباعا حسنا لديه وعن المسلمين، الذين أصبحوا عنوانا للتطرف وكره الآخر وجحود النعم، خاصة بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة التي شهدتها بروكسل.

بعد ختام التجمع قررت المجموعة إستكمال أمسيتها في سهرة أسرية وودية مليئة بالمرح والإستفادة والتبادل الفكري، وأحيانا بالغناء الجماعي من التراث المصري والمغربي، مع وعد بتجديد للقاء في السبت الأول من بداية كل شهر.

 

مريم عرجون - بروكسل


Copyright © 2024 MAGDE / All rights reserved.