بانوراما



قيس سعيد وعبير موسى ..هل خطابهما شعبوي؟

24-12-2020 12:25:04

 

قيس سعيد وعبير موسى ..هل خطابهما شعبوي؟

التفاصيل في تسجيل لمداولات ندوة نظمتها مؤخرا POMED حول موضوع "مخاطر الشعبوية على الديمقراطية في تونس"

 المتحدثون في الندوة:

،صوفي بسيس

مؤرخة وكاتبة، متخصصة في تونس والمغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء، ووضع المرأة في العالم العربي

أسماء نويرة

أستاذة ورئيسة قسم العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة تونس المنار. وهي متخصصة في العلاقة بين الدولة والإسلام

محمد الصحبي الخلفاوي

مدرّس-باحث بكليّة العلوم القانونيّة والاقتصادية والتصرّف بجندوبة، تونس، وباحث بالمرصد التونسي للانتقال الديمقراطي

الميسرة

إشراق الغديري

منسقة قسم دولة القانون في سوليدار – تونس وباحثة في كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس. ناشطة طلابية سابقة في الاتحاد العام لطلبة تونس

محاور ومداولات الندوة:

ما هو تعريفكم للشعبوية وما هي معاييرها وأنواعها؟ 

صحبي خلفاوي:

هناك مقاربتين تقومان بالتعامل مع الشعبوية كظاهرة سياسية عالمية شاملة. الأولى وهي مقاربة استطرادية تعتبر الشعبوية كأسلوب خاص في الفعل سياسي قائم على  عدة عوامل مثل الخطاب والعمل الميداني والتواصل. ب

المقاربة الثانية والتي أنا اتبناها هي مقاربة فكرية تعرف الشعبوية على أنها ايدولوجية غير متينة تعتبر أن المجتمع منقسم إلى معسكرين متضادين: شعب نقي ونخب فاسدة. كون هذه الإيدلوجية غير متينة يسمح لها أن تركب على أي ايدولوجية أخرى متينة وتؤثر عليها لتبني الأساس النظري الخاص بها. ولأن الشعبوية ليس لديها حلول أو تصورات شاملة فهي تنادي لأيدولوجيات أخرى لتساعدها ومن هنا يأتي تنوع الشعبويات. ب

أحد أسس الشعبوية هي معارضة الشعب بالنخب. يتم تصوير الشعب على أنه شعب واحد فقط ليس متنوع أو متعدد وهو مظلوم وتم اختطاف ارادته حتى التي عبر عليها من خلال الصناديق. أما النخب فيتم تصويرها على أساس أنها نخبة واحدة. والشعبويين دأماً في نداء مستمر للشعب لتشجيعه أن يفتك ارادته. ب

الأساس الثاني قائم على تصور خاص للديمقراطية. حيث ترى الحركات الشعبوية إنها أهم مدافع عن الديمقراطية وعن الإرادة الشعبية والشعبويين طارحين أنفسهم كتجسيد للشعب. ويرى الزعيم الشعبوي أو الزعيمة الشعبوية أن ارادة الشعب هي إرادته وإرادته هي إرادة الشعب. وممارسة وأفكار الشعبويين قائمة على التواصل المباشر مع الشعب بدون المرور بالأجسام الوسيطة. ب

العنصر الثالث، هو أن النخب هي الفاسدة أما الحلول سهلة حيث تقوم الشعبوية بتبسيط الحلول وتصوير الديمقراطية على أنها معقدة. النقطة الرابعة هي أن الشعبوية قائمة دائماً على فكرة استثارة المشاعر. ب

هناك أنواع للشعبوية، شعبوية يمين ويسار لكن هناك نوع هو أخطر أنواع الشعبوية وهو شعبوية رجال الأعمال أو الشعبوية الجديدة والتي بدأت مع برليسكوني وتواصلت مع دونالد ترمب، ومع بولسانارو في البرازيل، ومع نبيل القروي في تونس. ب

 

متى ظهرت الشعبوية في تونس وهل كان لها جذور في التاريخ المعاصر؟ كيف ترون المشهد الحالي؟

صوفي بيسيس:

لم يكن نظام بورقيبة قط نظامًا شعبويًا، لأنه لم يعارض الشعب أبدًا ضد النخب. بالنسبة له، كانت للنخب مهمة قيادة الشعب نحو تحقيق الاستقلال وإيصال الشعب التونسي إلى مستوى من المعرفة يسمح له بأن يكون فاعلاً في تنميته. بالنسبة له كان تدريب وتشكيل النخبة الوطنية أولوية. ب

ظهرت الشعبوية كما عُرِّفت في المشهد السياسي التونسي بعد الثورة عندما أصبحت المسألة الاجتماعية مركزية في مطالب غالبية التونسيين. بما أن اليسار التونسي لم يتولى المسؤولية الاجتماعية التي انبثقت عن الثورة، وركزوا في خطابهم على المسألة السياسية ومسألة الهوية. انتهى بنا المطاف برؤية ظهور خطاب شعبوي شغل الفراغ الذي تركته الطبقة السياسية. ب

إن شعبوية نبيل القروي هي أسلوب سياسي فهو ليس لديه أيديولوجية ويغير التحالفات لتحقيق مصلحته الفضلى. من ناحية أخرى، جعل رئيس الدولة الحالي، قيس سعيد، من الشعبوية أيديولوجيته. شعاره، “الشعب يريد” هو أيديولوجيته، وبالتالي فهو مقتنع تمامًا بصواب هذا التفوق المطلق للشعب كما شكله هو نفسه وهو لا يمثل هذا الشعب بل يجسده. ب

الشعبوية لا تقدم حلول للأزمة الاجتماعية، على سبيل المثال، تفاخر قيس سعيد بأنه ليس لديه برنامج انتخابي وقال إن الناس هم من لديهم برنامج. ب

غالبًا ما تكون الشعبوية على اليمين السياسي، ولا تستجيب للمطالب الشعبية المشروعة، لكنها تتملق للغرائز الشعبية المتوقعة والتي تكون عمومًا محافظة ورجعية وهذا هو السبب في أن القادة الشعبويين في تونس محافظين أو رجعيين أو كليهما. ب

ستستمر الشعبوية في تونس طالما لم يتم إعادة هيكلة للطبقة السياسية التونسية القادرة على طرح برامج قادرة على الاستجابة للمطالب الشعبية بطريقة عاقلة ومعقولة. ب

 

كيف يمكن أن تكون الشعبوية تهديداً لمنظومة حقوق الانسان وللحريات الفردية خصوصاً في مرحلة تحول ديموقراطي هشة؟

أسما نويرة:

تهدد الشعبوية نوع خاص من الديمقراطية وهي الديمقراطية الليبرالية ويمكن أن تؤدي إلى ديمقراطية لا ليبرالية وإلى طغيان الأغلبية. الذين يصلوا إلى السلطة يعتبرون أن من حقهم الحديث باسم الأغلبية كممثلين لها لأن لديهم الشرعية الانتخابية وبالتالي لديهم الحق في التقليص من الحقوق والحريات، وبالتالي يضطهدوا الأقليات عن طريق الحد من حقوقهم لتعارضها مع الأغلبية أو لمطالبتهم بهذه الحريات. ب

الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2019 جعلتنا نعيش ظاهرة الشعبوية لأنها سمحت بوصول هذه القوى التي تتبنى خطاب شعبوي إلى مراكز القرار على مستوى مجلس النواب وأعلى مستوى في السلطة التنفيذية وهي رئاسة الدولة. ب

نجاح هذه القوى الشعبوية والخطاب الشعبوي يعبر على أزمة مزدوجة تعيشها تونس اليوم وهي أزمة الديمقراطية التمثيلية وأزمة النخب في إطار ظرفية أزمة عامة شاملة تقع على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وخاصةً مع انتشار الفساد على عدة مستويات وذلك هو الذي سوف يسمح بتغذية الخطاب الشعبوي. ب

الشعبوية في تونس جعلتنا نمر من مرحلة انتقال ديمقراطي إلى أزمة الديمقراطية مباشرةً، مما يعني اننا قمنا بحرق مرحلة، فإننا لم نقوم بتأسيس الديمقراطية ثم دخلنا في الأزمة. ب

مسالة التنديد بالنخب أو نقد النخب موجود في مختلف أنواع الشعبوية وتجاربها وخاصةً في الشعبوية الاحتجاجية التي يقوم خطابها على نقد النخب والتنديد بها والتحقير منها واتهامها بالعمالة والخيانة وأنها عدو أساسي للشعب. ويشمل هذا كل النخب: النخب السياسية بطبيعة الحل ولكن أيضاً النخب الثقافية ونخب حقوق الانسان. كل النخب تشكل العدو الرئيسي للشعب لأنها كلها نخب فاسدة والشعب النقي ضحية هذه النخب. من ناحية أخرى يكون من نتائج معاداة المثقفين تمجيد معرفة الشعب، فالشعب أدرى ويعرف أكثر من الحكام ومن المثقفين ومن النخب وهو أدرى بالمصلحة منهم. يصبح إذاً في هذه الظروف عمل نخب حقوق الانسان أكثر صعوبة. ب

كون الشعب التونسي محافظ هو مسألة متعلقة بالهوية الدينية وفي هذا الإطار هي تتعارض مع الحريات الفردية مثل حرية الضمير، المساواة في الإرث، حرية اختيار القرين، المثلية الجنسية، عقوبة الاعدام، إلى غير ذلك. لذلك نجد الكثير من الفاعلين السياسيين الشعبويين الذين قد يكون لهم أو لأحزابهم خلفية حقوقية يتبنون مواقف عكس ذلك إرضاءً للطابع المحافظ للشعب. أو نجد مثلاً من يحاول في خطاب الشعبوي أن يقنع الشعب أن مسائل الحقوق والحريات ما هي إلا إملاءات خارجية مفروضة من الاتحاد الاوروبي ويثير مرة أخرى مسألة المؤامرة ومسألة التمسك بالسيادة مثل قيس سعيد. ب

القوة الشعبوية التي وصلت إلى البرلمان وللرئاسة غير قادرة أن تدافع عن حقوق الإنسان في مواقع القرار لأنها تكون انتهازية أو أقلية وبالتالي لن يتم ملاءمة التشريع التونسي مع الدستور التونسي وخاصةً في بابه الأول المتعلق بالحقوق والحريات. وهناك أيضاً إمكانية أن تقوم بإصدار قوانين تنافي الحرية وتحد منها. 

 تفاصيل مداولات الندوة: 

المصدر: https://pomed.org/event/populism-as-a-threat-to-democracy-early-conclusions-from-tunisia-in-arabic/

 


Copyright © 2024 MAGDE / All rights reserved.