بانوراما



دراسة مغربية: أطفال المغاربة في أوروبا يتعلمون اللغة العربية بدافع الهوية والدين

29-06-2017 19:48:31

 

تبحث هيئات مغربية حكومية وغير حكومية مختصة بقضايا التعليم والجاليات المغربية في الخارج، تطوير  برامج تعليم اللغة العربية لدى أبناء الجاليات المغربية في أوروبا وفق نظرة جديدة تأخذ بعين الاعتبار نتائج دراسة ميدانية أنجزتها مؤسسات مغربية حديثا في الموضوع ومتطلبات التطور العلمي والتكنولوجي في هذا المجال. وكشفت دراسة ميدانية أجرتها مؤسسات مغربية أن 84 في المائة من أبناء الجالية المغربية بالخارج الذين تعلموا اللغة العربية قاموا بذلك من أجل حفظ القرآن.

و تحددت أهداف الدراسة، التي أجريت في فبراير 2016 بثلاثة بلدان رئيسية (فرنسا وبلجيكا وألمانيا) وشملت 1272 مستجوب أجابوا عن أسئلة الاستمارة (ما بين 18 و45 سنة)، في التمكن من اللغة لدى الشباب المستفيدين من هذا التعليم، والحفاظ على هويتهم الوطنية وعلى ثقافتهم، وتدعيم ارتباطهم ببلدهم الأصلي.

وتم  تقديم نتائج الدراسة التقييمية لبرنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية بالخارج، التي أنجزتها الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وهو هيئة استشارية للتفكير الاستراتيجي وقوة اقتراحية في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب.

نتائج الدراسة
ويظهر التحليل الوصفي لنتائج الدراسة، التي قدمتها مديرة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، رحمة بورقية، أن 70 بالمائة من المستفيدين شرعوا في تعلم اللغة العربية ما بين سن السادسة والثامنة، وأن 62 بالمائة من المستجوبين قضوا أكثر من أربع سنوات في تعلمها، ومن بين الأسباب المحفزة على أخذ دروس في اللغة العربية هناك أهمية هذا التعليم بالنسبة للفرد (91 بالمائة)، وأهميته بالنسبة لحفظ القرآن (84 بالمائة)، وأهميته في الحفاظ على الثقافة المغربية (65 بالمائة).
كما أبان 68 بالمائة من المستجوبين عن رضاهم بخصوص تعلم اللغة العربية، غير أن 41,5 بالمائة اعتبروا أن تجهيزات المدرسة غير مرضية نسبيا، فيما عبر 72,8 بالمائة منهم عن رضاهم إزاء المدرسين.
وبخصوص الدور الذي تلعبه اللغة العربية في الاندماج، صرح 85 بالمائة من أفراد العينة بأن اللغة العربية ساهمت في تدعيم ثقافتهم الأصلية، و80 بالمائة بأن اللغة العربية كان لها دور إيجابي في اندماجهم العائلي وفهم ثقافة الوالدين. أما في ما يخص دور اللغة في الاندماج الاجتماعي للفرد فقد صرح 61 بالمائة بدورها الإيجابي وإن كان 52 بالمائة اعتبروا أن اللغة لا تساهم كثيرا في الاندماج المدرسي.
وصرح 96 بالمائة من المستجوبين، توضح الدراسة ، بضرورة استمرار تعليم اللغة العربية لأبنائهم وللأجيال المقبلة، فيما أكد 67 بالمائة منهم على ضرورة تحسين دروس تعليم اللغة قبل الاستمرار في تلقينها لأبناء المغاربة المقيمين بالخارج، وأكدت الغالبية (80,1 بالمائة) على ضرورة تغيير المضامين بالخصوص والتجهيزات (76,5 بالمائة).
وبخصوص تقييم تأثير البرنامج، أشارت الدراسة بخصوص تأثير تعلم اللغة والثقافة الأصليتين على مستوى التمكن من اللغة العربية، إلى أن هذا المستوى يظل ضعيفا (52 بالمائة) أو متوسطا بالنسبة للفصحى، في مقابل مستوى عال من التمكن بالنسبة للدارجة (59 بالمائة)، كما تحتل الأمازيغية مكانة هامة خاصة بالنسبة للجالية المنحدرة من الريف. وبالنسبة للتأثير على الارتباط بالبلد الأصلي، فإن 48 بالمائة من المستجوبين يعرفون ماضي بلدهم وأصولهم جيدا، و59 بالمائة على علم بالمنجزات الكبرى بالمغرب، فيما أظهر 83 بالمائة مستوى عال أو متوسط بخصوص معرفة التقاليد المغربية، كما أكد 75 بالمائة أنهم يتابعون قنوات التلفزة المغربية.

 

الدكتورة رحمة بورقية أثناء عرضها لنتائج الدراسة بحضور عمر عزيمان  

توظيف التكنولوجيا في تعليم اللغة عن بعد
وقدمت نتائج الدراسة أيضا آفاقا لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين، من خلال ثلاثة سيناريوهات، يسعى الأول إلى تحسين ما هو قائم عبر تجاوز العجز الملاحظ، ويهم السيناريو الثاني منح البرنامج وجهة جديدة، من خلال تطوير تصور جديد للمقام الثقافي، فيما يجمع السيناريو الثالث بين التوجهين الأولين، من خلال إحداث برامج للتعليم عن بعد وتدقيق المضامين الرقمية من خلال تعبئة كفايات البيداغوجيين والمهندسين في التطوير الرقمي، وأيضا كفايات مدرسي اللغة العربية.
وأكد عمر عزيمان رئيس المجلس الأعلى للتعليم أن مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، أن تعليم اللغات بصفة عامة، يتطلب إطارا علميا وتربويا ومرجعيا لتظيمه وتأطيره، معتبرا أن الحاجة لهذا الإطار المرجعي تزداد حيث يتعلق الأمر بتعليم لغة البلد الأصل، العربية، خارج محيطها داخل بلدان الإقامة وإشكاليات التعامل مع خصوصيات هذا المحيط. من جانبه، تطرق الكاتب العام لمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج عبد الرحمن الزاهي، إلى الدور الذي تضطلع به المؤسسة، بتنسيق وتشاور مع كافة الأطراف المتدخلة، في تعليم اللغة العربية لأبناء الجالية.
وأشار إلى أن هذا التعليم، ينقسم إلى مندمج داخل مدارس حكومية وخلال أوقات التمدرس (14 بالمائة)، ومؤجل يتم داخل هذه المؤسسات خارج التوقيت المخصص للتمدرس (56 بالمائة)، وآخر مواز يتم خارج المؤسسة وخارج التوقيت المدرسي (حوالي 30 بالمائة)، مضيفا أن هذا التعليم ينفتح على أطفال الجاليات الأخرى.
وفي كلمة خلال اللقاء، أكد حصاد على ضرورة الاستمرار في توفير تعليم اللغة العربية لأبناء الجالية المغربية بالخارج وتطويره، خاصة التعليم الإلكتروني ليشمل الجاليات في مناطق متعددة بالنظر لمحدودية الإمكانات البشرية. من جهته، أشاد بنعتيق بالمجهود المبذول لتوفير تعليم اللغة العربية، باعتباره تحصينا لأبناء الجالية في عالم متقلب، وتحصينا للهوية والأمن الروحي للمغاربة، مؤكدا على أهمية بحث آليات التنسيق بين مختلف الفاعلين لتطوير البرامج. كما تم خلال اللقاء، تقديم والمصادقة على الإطار المرجعي لتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية المنجز في إطار شراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.

إطار مرجعي جديد لتعليم اللغة العربية
ويذكر أن مهام الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، باعتبارها جهاز التقييم بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تتمثل أساسا في إجراء تقييمات شاملة، قطاعية وموضوعاتية للسياسات والبرامج العمومية لمنظومة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر، وتحقيق النجاعة البيداغوجية والمالية بالنسبة للأهداف المحددة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للطلبة، وتصور أدوات التقييم لإنجاز مهمتها التقييمية، من أجل الارتقاء بنظام التربية والبحث العلمي.

ونوقش هذا الملف أخيرا في ندوة عقدت يوم الجمعة 16 يونيو 2017، بمقر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في الرباط

حول موضوع: تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية ، تحت برئاسة عمر عزيمان الرئيس المنتدب لمؤسسة الحسن الثاني

 للجالية المقيمة بالخارج ورئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،وبحضور كل من حمد حصاد ، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي و عبد الكريم بنعتيق،الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة.

و خصص هذا اللقاء لتقديم نتائج الدراسة التقييمية لبرنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية بالخارج، المنجزة من طرف الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ، كما تطرق الحاضرون لمضمون الإطار المرجعي لتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية المنجر في إطار شراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
وأفاد عمر عزيمان رئيس المجلس الأعلى للتعليم أن مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ارتأت في نهاية التسعينات أن تقوم بتجربة لتدريس اللغة العربية في العديد من البلدان التي تقيم فيها الجالية المغربية على رأسها فرنسا وبلجيكا وهولاندا ألمانيا، وقامت بالعديد من الإصلاحات في هذا المجال منها ما يتعلق بالوضع الاعتباري للغة، ومنها ما يتعلق بتحديد مهام الأساتذة الذين يشتغلون بالخارج.
وأضاف عزيمان خلال الندوة التي  خصصت لتقديم تقرير "تقييم تأثير اللغة العربية على التمكن من اللغة والثقافة عند الجالية المغربية المقيمة بالخارج"، أن الدراسة حاولت أن تقدم نتائج تعليم هذه اللغة والفائدة من تعليمها، مشيرا إلى أن تعليم اللغات يحتاج إلى إطار علمي وتربوي من أجل تنظيم التعليم وتوجهه وتأطيره، مؤكدا أن الحاجة إلى تأطيره تزداد خارج المحيط العربي كما تزداد إشكاليات التعامل معه.
وفي ذات السياق قال عزيمان إن هذه النقط جعلت المجلس بمعية شركائه يفكرون في وضع إطار مرجعي لتدريس اللغة العربية حيث كانت هناك استشارة مع الخبراء العاملين في الخارج من أجل ملاءمة مناهج التدريس مع النصوص الدستورية.
وأكد محمد حصاد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر، على استمرارية الوزارة في دعم تدريس اللغة العربية، قائلا: "لا يجب أن نترك تدريس اللغة العربية في الخارج نحن ماضون في تقويته".
وأبرز حصاد ضرورة تطوير التعليم الإلكتروني في هذا المجال مشيرا إلى أن التعليم المباشر يبقى دائما محدودا.
وقال عبد الكريم بنعتيق الوزير المنتدب في الوزارة ذاتها، إن تدريس هذه اللغة في الخارج من شأنه أن يحصن الجالية المغربية في عالم متقلب، مشيرا إلى تواجد أبحاث تصب في هذا الإطار "لكن ما ينقص هو التنسيق بين المؤسسات" وفق المتحدث.
وقد عرف اللقاء المصادقة على مضمون الإطار المرجعي لتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، المنجز في إطار شراكة بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.

 

المصدر( وكالات أنباء، موقع المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي))


Copyright © 2024 MAGDE / All rights reserved.